الأربعاء، 19 مارس 2008

توضيح من صندوق دار فور لاعادة الاعمار والتنمية

صندوق دارفور لاعادة الإعمار والتنميةالمتوكل محمد موسى



قالت البعثة المشتركة للأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي في السودان «يوناميد» إن حكومة السودان لم تف بإلتزاماتها تجاه صندوق دارفور لإعادة الإعمار والتنمية.. حسب نصوص إتفاق السلام لدارفور الموقّع في أبوجا عام 2006م، وقد طالبت البعثة المشتركة الحكومة السودانية

تحويل ما يعادل (300) مليون دولار أميركي لصالح الصندوق للعام 2006م، وما لا يقل عن (200) مليون دولار للعام 2007م وأقل من (200) مليون دولار للعام 2008م، ما قالته البعثة المشتركة هو مصدر الشكوى المريرة التي ظلت حركة جيش تحرير السودان تبثها عبر كافة وسائل الإعلام حول البطء والتسويف في انفاذ إتفاق السلام لدارفور، وهي شكوى مبررة لأن صندوق دارفور هو بمثابة المضغة في جسد الإتفاق فإن صلح صلحت الإتفاقية، وإن فسد فسدت الإتفاقية، وفي نجاح الصندوق نجاح للحركة، ونجاح الحركة أمرٌ لا ترغب أطراف عديدة في بلعه لأنه يجلب الحمد لحركة جيش تحرير السودان ويكسبها ود شعب دارفور.

عندما قدم وزير المالية السابق سمات الموازنة للعام 2008م في المجلس الوطني، قدم معه إعتذاراً لأهل دارفور بعدم تمكن الوزارة من دفع مبلغ الـ(700) مليون دولار الذي كان منصوصاً عليه في الإتفاق، وأن الوزارة ستدفع مبلغ (200) مليون دولار أميركي فقط في هذا العام.. فهل تعني هذه الإفادة التي أدلى بها السيد الوزير أمام المجلس الوطني أن على أهل دارفور أن يعفوا الوزارة من دفع مبلغ الـ(500) مليون دولار؟ وهل يعلم اليوناميد شيئاً عن هذا الإعتذار؟ وهل سيُعاد فتح الحوار والتفاوض في الإتفاق مرة أخرى ليُضمن هذا الإعتذار في بنوده؟ كان على وزارة المالية بعد أن تقدمت بإعتذارٍ لأهل دارفور أن تُوضح لهم كيفية إقتضاء مبلغ الـ(500) مليون دولار والذي يُفترض دفعه للأعوام 2006م و 2007م.

إن من أهم المكتسبات التي أسهمت حركة جيش تحرير السودان في الحصول عليها من مفاوضتها للحكومة في أبوجا هي السلطة الإنتقالية وأهم المكتسبات في السلطة هو صندوق دارفور للإعمار والتنمية.. فهو أحد الأذرع في منظومة السلطة والذي سيسهم دون شك في إعادة التوازن الاقتصادي إلى إقليم دارفور بل وإلى كل السودان إن أوفت الحكومة بما وعدت.. فالصندوق الذي نشأ بموجب الاتفاق أُنيط به وضع حد للإختلال التنموي، وإعداد الإقليم لبلوغ المرامي التنموية والأهداف الإنمائية وفقاً لمعايير الألفية الثالثة ومعايرة النتائج بتحسن حال أهل الإقليم في كل جوانب الحياة ومن ثم إقتلا الأزمة من جذورها.

فكرة إنشاء صندوق لإعمار دارفور لم تقف عند حد إعلانه كأحد بنود الإتفاق، وإنما تم تكوين بعثة مشتركة لحصر وتحديد احتياجات دارفور من جميع الأطراف، أطلق عليها اسم بعثة التقييم المشتركة لدارفور وتم تعريفها باسم بـ Darfur Joint assessment mission (D Jam) وقد تم تكليف البعثة بإجراء التقييم في مسارين المسار الأول: هو مرحلة الإنعاش وتم تحديد سنتين للإنتهاء من هذه المرحلة، والمسار الثاني: هو التنمية وقد حُددت بأربعة أعوام، ولقد أنجزت هذه البعثة عملاً مقدراً في أعقاب توقيع الإتفاق، تناولت البنية التحتية والتعليم والصحة والحكم الرشيد والمياه وقطاع الكهرباء والقطاع الخاص ورفع القدرات، وقد صنع هذا الجهد قاعدة ضخمة من المعلومات يمكن أن يستفيد منها الصندوق في تنفيذ برامجه وخططه، فالعلل والمشاكل معلومة والإحصائيات تم حصرها وبدأ الصندوق في إعداد خططه لشن حملة البناء والتعمير في دارفور ولكن الصندوق تعترض مسيرته القاصدة عقبة كؤود تتمثل في عدم إيفاء الحكومة بما يليها من مال.. فضمن ما وقعته الحكومة في أبوجا أن صادقت على دفع مال قدره (700) مليون دولار تدفعه عقب التوقيع على الإتفاق كما أسلفنا، ولكن بعد الشروع في التنفيذ الصندوق لم يتسلم إلا مبلغ (4.5) ملايين دولار وهو ما يعادل أقل من (0.1%) من جملة المبلغ، وهنا يجُدر بنا أن نجري عملية حسابية صغيرة تؤكد حجم الفرصة المُضاعة في سبيل تغيير الأوضاع تنموياً في دارفور، لننحي باللائمة كلها على الحكومة وليت الحكومة تدرك جسامة الخطأ الذي ترتكبه باهمالها لإنفاذ اتفاق يحتوي بداخله صندوقاً مثل صندوق دارفور للإعمار.. ونؤكد أيضاً أن الخسارة هي خسارة لكل السودان.. فالنجاحات التي تحققها مثل هذه الصناديق عابرة للأقاليم حيث لا يقتصر تأثيرها على إقليم المنشأ فحسب بل تتعداه إلى غيره من الأقاليم، ويُثبت قولنا مشروع توليد الكهرباء في خزان الروصيرص، الذي تُولَّد فيه الكهرباء وهو في أقصى الجنوب الشرقي من السودان ليصل إنتاجه إلى بربر فى الإقليم الشمالي وسيصل إلى كردفان في مقبل السنوات القادمة القليلة.. فخير ونُعم مشاريع التنمية العملاقة التي يتأهب صندوق دارفور للإعمار والتنمية لإقامتها في دارفور ستتخطى آفاق الإقليم إلى فضاءات أقاليم السودان الأخرى وهو ما ينعكس إيجاباً على الاقتصاد القومي السوداني.

إن صندوق دارفور للإعمار يقف وراءه رجلٌ ذو عزم لا يلين يملك رغبةً صادقةً في أن يحقق الصندوق أهدافه التي من أجلها قد أُنشئ، وقد عمل على اختيار إدارات متخصصة ومحترفة لتضطلع بأعباء تحويل مشاريع صندوق الإعمار إلى أرض الواقع، فإذا كان مشروع مياه ساق النعام سيسقي مدينة الفاشر الكبرى لمدة مائة عام ويروي أرض المشروع الذي تبلغ مساحته (156) ألف كيلو متر مربع وهو يمثل مشروع أمن غذائي للمدينة ذاتها، فقط يحتاج إلى مبلغ (40) مليون دولار، فما بالكم ماذا يصنع مبلغ (700) مليون دولار في إقليم دارفور؟

يُقال، والعهدة على الراوي، إن صندوق دارفور وبما لديه من فرص لاستقطاب أموال من المانحين ومن غيرهم من المؤسسات المالية الدولية، قد اقترح على وزارة المالية البحث عن قروض تعادل مبلغ الـ(500) مليون دولار على أن تُوفر الوزارة الاعتمادات والضمانات.. وقد وافقت الوزارة على المقترح ولكنها لم تقدم إلى اليوم الضمانات التي وعد بها صندوق دارفور حتى يتقدّم بطلبات لاستقطاب القروض اللازمة لسد العجز في المبلغ المتفق عليه، نأمل أن تُسرع وزارة المالية والاقتصاد الوطني في استخراج الإعتمادات اللازمة حتى يتمكّن الصندوق من البحث والحصول على قروض يستطيع بها تنفيذ مشاريعه التي يعوّل كثيراً في صنع التغيير المطلوب تجاه التنمية في دارفور.
Almotwakel_m@yahoo.com

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق