الاثنين، 17 مارس 2008

قمة "داكار" هل تنهى الصراع المسلح بين السودان وتشاد؟



قمة "داكار" هل تنهى الصراع المسلح بين السودان وتشاد؟

محيط ـ محمد حسن



الرئيس السودانى والرئيس التشادى اثناء توقيع الاتفاق

بعد توصل قمة "داكار" الإسلامية إلى انتزاع اتفاق سلام بين الجارتين المتنازعتين تشاد والسودان، آملة كسر قاعدة الاتفاقات الشكلية السابقة التي ظلت حتى الآن مجرد حبرٍ على ورق، أبدى مراقبون تشككا في إمكانية الحفاظ على هذا الاتفاق.ووصف مراقبون الأتفاق ذاته بأنه هش.

وكان الترحيب الدولي واسعاً جدا ً، بدءاً من الأمم المتحدة وصولاً إلى المجتمعين الذين أملوا في إيقاف نزاعٍ مسلح دام أكثر من خمس سنوات وفعلياً فإن جذور الأزمة ترجع لأكثر من عشرين عاماً فائتاً.


إلاّ أن المشككين دقوا ناقوس الخطر، ودعوا الجميع لعدم الابتهال ريثما يثبت التطبيق العملي على أرض الواقع نجاعة هذا الاتفاق.


رعاية سنغالية


وقد وقع الرئيسان التشادي ادريس ديبي والسوداني عمر البشير في دكار اتفاق عدم اعتداء بهدف انهاء خمس سنوات من النزاع بينهما.


وتعهد السودان وتشاد في الاتفاق منع كافة انشطة المجموعات المسلحة في الدولتين ومنع استخدام اراضي اي من الدولتين لزعزعة استقرار الدولة الاخرى".


ووقع الاتفاق برعاية الرئيسين السنغالي عبد الله واد والجابوني عمر بونغو بحضور بان كي مون الامين العام للامم المتحدة ، في مقر الرئاسة السنغالية في دكار.


وأعرب البشير عن أمله في أن يفتح الاتفاق صفحة جديدة, واعتبره ديبي مختلفا عن بقية الاتفاقات من حيث وجود آلية متابعة, وبالنظر إلى الحضور الرفيع الدولي والأفريقي الذي أشرف على توقيعه
.


تاريخ الصراع ..


وبالعودة إلى تاريخ الصراع الطويل ، فتركز بالأساس على اتهام الخرطوم قيادات عسكرية وسياسية نافذة في نجامينا بدعم متمردي دارفور بالأسلحة والعتاد وتمرير دعم خارجي عبر أراضيها ، وفي المقابل تتهم عناصر تشادية دوائر مؤثرة في الخرطوم بتشكيل تحالف معارض من القبائل التي تعارض نظام الحكم في تشاد لإسقاط السلطة في نجامينا ، وذلك وفقا لما ورد بجريدة "تشرين" السودانية.

وبالغوص أكثر في جذور الصراع الذي يرجع إلى ما بعد استقلال تشاد عن فرنسا، حيث بدأت الخلافات على عائدات البترول وتشكلت المعارضة التشادية من مجموعات متعددة تتحالف في الجبهة الموحدة للتغيير بقيادة محمد نور وتنتمي أغلبيتها الى قبيلة التاما، أما حركة التغيير من أجل الديمقراطية والتنمية فتنتمي الى قبيلة الزغاوة وتحسب الحركة على ديبي أنه حرب عشيرته على حساب باقي القبيلة.

في ظل هذا الانقسام الداخلي الحاد، اتهمت تشاد مباشرة السودان بالتورط لزعزعة استقرارها الأمر الذي نفته الخرطوم بشدة، وما بين الاتهام والنفي بات واضحاً أن المنطقة مرشحة لمزيد من التوتر رغم التدخلات الدولية ووجود قوات أوروبية وفرنسية داخل بقعة الصراع.


ويرى محللون أن مفتاح الحل في الصراع التشادي ـ السوداني هو حل أزمة دارفور غرب السودان والصراع الداخلي في تشاد.


وقد أوقع الصراع القبلي الرئيس ديبي بين نارين، إما أن يجامل الخرطوم ويتعاون معها أو يواجه قبيلته من الزغاوة في حركة العدل والمساواة في دارفور بزعامة الدكتور خليل ابراهيم الذي تربطه صلات الدم مع ديبي.


بنود الاتفاق



الرئيس التشادى بين نارين


جاء نص الاتفاق "السادس" في سلسلة الاتفاقات السابقة ـ مكوناً من أربعة بنود حملت عنواناً رئيسياً "المصالحة والسلام بين البلدين".


فالبند الأول انطلق من تطبيع العلاقات وتوفير الوسائل للمساهمة في الاستقرار والسلام ليس بين البلدين بل في المنطقة بأكملها.


والبند الثاني تطرق إلى التعهدات السابقة ، وذكر بضرورة احترامها من خلال تطبيقها فعلياً، مركزاً على اتفاق طرابلس الموقع في 8 شباط 2006 وإعلان كان في 15 شباط 2007، واتفاق الرياض في 3 أيار 2007، مطالباً المجتمع الدولي عامة باتخاذ الإجراءات الضرورية، وخصوصاً ليبيا والكونغو والسنغال والغابون واريتريا وتجمع الساحل والصحراء والمجموعة الاقتصادية لافريقيا الوسطى والاتحاد الافريقي لإقامة قوة السلم والأمن لضمان مراقبة العمليات المشتركة لتأمين الحدود المشتركة.


أما البند الثالث فنص على إنشاء مجموعة اتصال من الدول السابقة لمتابعة تنفيذ الاتفاق الحالي بنية حسنة ومراقبة أي انتهاكات محتملة ،
وتجتمع هذه المجموعة مرّة كل شهر في إحدى عواصمها، ويكون المجتمعون إما وزراء خارجية أو منتدبين مخصصين لهذا الغرض وترأس المجموعة ليبيا والكونغو.


وتعهد الموقعون في البند الرابع على التعاون لمنع نشاط المجموعات المسلحة في استخدام أراضيهم لزعزعة أي من الدولتين ،
ولعل هذا البند الأخير لامس لب الأزمة بشكل مباشر، لتضمنه و اجب كل من تشاد والسودان تجاه "السلام" على أرض الآخر.

احترام التعهدات السابقة


وفي البنود الاخرى للاتفاق، كرر الرئيسان البشير وديبي تأكيدهم باحترام التعهدات السابقة بهدف وضع حد نهائي للخلافات بين البلدين واعادة السلم والامن في المنطقة".


لا جديد فى اتفاق دكار


لا يقدم "اتفاق دكار" الذي وصف مبدئيا بأنه اتفاق جديد لسلام "نهائي"، اي جديد للاتفاقات السابقة باستثناء انشاء مجموعة اتصال مكلفة متابعة وتنفيذ الاتفاق بنية حسنة ومراقبة اي انتهاكات محتملة".


وقالت الوثيقة وفقا لما ورد بجريدة "الرايه" القطرية : " إن هذه المجموعة التي تراسها ليبيا والكونغو، ستضم وزراء خارجية هذين البلدين والسنغال والغابون واريتريا وتجمع الساحل والصحراء والمجموعة الاقتصادية لافريقيا الوسطى والاتحاد الافريقي.


ويقضي الاتفاق بأن تجتمع مجموعة الاتصال مرة كل شهر في احدى عواصم الدول اعضاء المجموعة ويمكنها إذا تقدم اي من البلدين السودان وتشاد بشكوى، أن تدعو إلى اجتماع استثنائي.


وقال دينغ الور كول وزير الخارجية السوداني : " إن هذا الاتفاق يكمل الاتفاقات السابقة التي لا تنص على آليات مراقبة".


تشكيك سودانى وتفاؤل تشادى

كان الرئيس السوداني شكك الثلاثاء الماضى ، في دبي بجدوى الاتفاق ، مشيرا إلى خمسة اتفاقات اخرى لم تحترم في الماضي ، مشيرا خصوصا إلى الاتفاق الذي تم التوصل إليه في الرياض في مايو الماضي برعاية السعودية.


وقال البشير بعد الزيارة إلى السعودية : " عملنا عمرة أنا والرئيس التشادي وصلينا داخل الكعبة ووضعنا يدنا بيد بعض وقلنا اتفقنا والخائن الله يخونه اذا كان الرئيس التشادي لم يلتزم اتفاقا وقع في الكعبة فهل يتوقع التزامه باتفاق يوقع في دكار" .


من جهته، عبر الجانب التشادي عن تفاؤله في الاتفاق لكنه شكك في حسن نوايا السودان.


اتهامات تشادية


قالت الحكومة التشادية : " إن السودان اطلق الاربعاء الماضى ، ارتالا عدة من المرتزقة المدججين بالسلاح ضد تشاد عبروا الحدود عند بلدة مدينة" شمال بلدة ايدي الحدودية".


وردت الخرطوم على اتهامات نجامينا، مؤكدة أنها محض خيال ، بينما نفى زعيم المتمردين التشاديين محمد نوري الهجوم ، ولم يؤكد الجيش الفرنسي الذي يتمتع بوجود كبير في تشاد الهجوم ، ولا القوة الاوروبية المنتشرة في شرق تشاد.

المتمردون يرفضون الاتفاق


رفض متمردون تشاديون أمس الجمعة ، أحدث اتفاق سلام تم توقيعه بين تشاد والسودان وتعهدوا بمواصلة حملتهم للاطاحة بالرئيس التشادى ادريس ديبي إذا لم يوافق على الدخول في حوار معهم.


وتعهد متمردون تشاديون بمواصلة القتال للإطاحة بالرئيس إدريس ديبي، مؤكدين رفضهم لاتفاق السلام الذي وقعه ديبي مع نظيره السوداني عمر حسن البشير في العاصمة السنغالية دكار مساء أمس الجمعة.


وقال علي جادي المتحدث باسم التحالف الوطني التشادي الذي كان طرفا في تحالف المتمردين الذين هاجموا العاصمة التشادية إنجمينا الشهر الماضي : " إن الاتفاق الذي وقعه الرئيسان "لا يهمنا" مضيفا أنه إذا لم يكن ديبي راغبا في الحوار "فسنجبره على الرحيل".

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق