الأحد، 23 مارس 2008

رئيس حركة الارادة الحرة يكشف العديد من اسرار أبوجاء


الدكتور عبدالرحمن موسى يكشف العديد من اسرار ابوجا فى لقاء بمركز الاهرام للدراسات:

- الحركة الشعبية وقفت ضد حصولنا على منصب نائب رئيس فى ابوجا.

- عبدالواحد تعرض لضغوط كثيرة لعدم التوقيع ولم يكن صريحا مع اعضاء وفده.

- قضية الاقليم لا تستحق ما اعطي لها من وزن.

-------------------------------------------------

القاهرة- صلاح خليل ومحمود حمدى

عبدالرحمن موسى
كشف الدكتور عبدالرحمن موسى الكثير من اسرار مفاوضات ابوجا والظروف التى اكتنفتها وتحدث عن الضغوط التى قامت بها اطراف عديدة، وقال ان الولايات المتحدة سعت بقوة للتوقيعللحصول على نصر اعلامى للرئيس بوش وان الليبين ايدوهم فى هذا المسعى عبر الضغط على منى اركوى، كما اشار الى ان الرئيس اوباسانجو لم يكن مؤيدا لتحويل دارفور الى اقليم واحد، وقال بان ممثلى الحركة الشعبية لم يكن لهم هم سوى عدم المساس بمكتساباتهم فى نيفاشا، رغم حصولهم على اكثر من استحقاقهم، وان نيفاشا كاتفاقية كانت كثيرا ما تقف فى طريق الحل، وقال ان الحركات المسلحة طالبت بمنصب نائب الرئيس الا ان رفض سلفا كير القاطع ادى الى اخراج هذه المسألة من حيز التفاوض فى وقت مبكر .

جاء ذلك فى اللقاء المطول بقاعة مركز الدراسات السياسية والاستراتيجية ، فى الدور الحادى عشر بمبانى مؤسسة الاهرام بالقاهرة، والذى استقبل فيه برنامج دراسات السودان وحوض النيل الدكتور عبدالرحمن موسى رئيس حركة تحرير السودان " فصيل الارادة الحرة " ، ووزير الدولة بمجلس الوزراء السودانى، الذى تحدث عن " اتفاق ابوجا للسلام والاوضاع الحالية فى دارفور ".

حيث من المعروف ان الدكتور عبدالرحمن موسى الذى عمل استاذا جامعيا فى جامعة الخرطوم ثم فى بلدان عديدة مثل فرنسا وماليزيا واندونيسيا ، كان قد التحق بحركة تحرير السودان واصبح مستشارا سياسيا لعبدالواحد نور ، ثم كبيرا لمفاوضى حركة التحرير فى ابوجا، الى ان انشق عن جناح عبدالواحد مكونا فصيل الارادة الحرة ، الذى كان من بين موقعى اتفاق ابوجا للسلام فى دارفور .

وقد ادار اللقاء الذى استمر اكثر من ساعتين، الاستاذ / هانى رسلان رئيس برنامج دراسات السودان وحوض النيل بالمركز، وحضره السفير ادريس سليمان نائب رئيس البعثة الدبلوماسية للسودان فى العاصمة المصرية القاهرة، وكذلك عدد من الناشطين والمصريين والسودانيين وعدد من المنتمين الى الحركات المسلحة فى دارفور .

قال د. عبدالرحمن موسى ان مفاوضات ابوجا مثلت نقلة تاريخية، وان الجولة الجولة الخامسة من ابوجا شهدت تطورا مهما للغاية تمثل فى توقيع اعلان المبادئ، وان هذا الاعلان كان جوهريا واساسيا لانه كان شاملا لكل اسس ومبادئ الحل، وأكد بانه يتوقع أن يتم الاستناد إليه فى أى مفاوضات قادمة.

وفيما بعملية التفاوض نفسها قال رئيس فصيل الارادة الحرة ، أن الكثيرين نظروا الى ان المفاوضات استغرقت وقتا طويلا وانه كان هناك اضاعة للوقت، الا ان ذلك تمخض عنه فى النهاية الوصول الى المبادئ الاساسية ، وان هذه المبادئ اشتركت فى وضعها مجموعة صغيرة شملت اثنين من المفاوضين من حركة العدل والمساواة ، وكل من عبدالرحمن موسى ومادبو من حركة التحرير، بالاضافة الى اثنين من الوفد الحكومى ، وبعد ان تم الوصول الى مسودة اتفاق ترك لكل وفد تفاوضى ان يحدد موقفه.

عند هذه النقطة اشار الدكتور عبدالرحمن موسى الى ان فصيل منى اركوى كان يعمل بقدر اكبر من المؤسسية وقال ان الوفد التفاوضى لجناح منى قد سهر طوال الليل من السادسة مساءا الى السادسة صباحا، فى نقاشات مستمرة وانه تم الوصول الى موقف يقول بالتوقيع بعد دراسة الموقف الميدانى وكل الظروف المحيطة ، وانه فى الصباح وقبل الدخول الى حفل التوقيع غيّر بعض المفاوضين موقفهم وحاولوا اثناء منى عن التوقيع ، الا ان منى اركوى اتخذ موقفا حاسما وقال بان الموقف قد تم تحديده بعد نقاشات مطوله، وانه هو الرئيس ولن يغير موقفة وانه إذا أصر البعض على تغيير مواقفهم فليبحثوا لهم عن رئيس اخر ..

وذكر موسى ان منى اركوى كان قد بدأ يتلقى دعما واسعا من ليبيا اعتبارا من الجولة الخامسة فى ابوجا ، بهدف تقويته على الارض ، ثم يطلب منه تسديد تلك الفواتير فى وقت لاحق ، الامر الذى الى حدوث نوع من التوتر بين الحكومة السودانية وليبيا، وذكر ايضا ان زوليك كان يضغط بشدة من اجل التوقيع لتحقيق انجاز اعلامى لصالح الرئيس بوش، وان ليبيا ساهمت فى ذلك عبر الضغط على منى اركوى ارضاء للطرف الامريكى ، فى سياق اعادة ترميم العلاقات الخارجية لليبيا وعودتها الى المجتمع الدولى .

على الناحية الاخرى يقول الدكتور عبدالرحمن موسى ان جناح عبدالواحد كان يفتقد الى هذه المؤسسية، وان عبدالواحد لم يكن صريحا او واضحا فى شرح مواقفة للوفد التفاوضى، وانه كانت هناك ضغوط هائلة عليه لم يفصح عنها، رغم توافر معلومات واسعة عنها فيما بعد ، وانه قد يأتى الوقت الذى يتم فيه الكشف عن هذه المعلومات حين يقرر كتابة تجربته، وقال موسى بان السمة الاساسية لعبدالواحد انه لم يكن يشرح مواقفه لوفده التفاوضى، وانه لم يوضح ماهى دوافعه بالضبط لعدم التوقيع، وان الكثير من هذه الدوافع اتضحت فيما بعد، سواء من اطراف خارجية مثل نيجيريا او من خلال بعض الاطراف فى الداخل، وأن هذا كان امرا مؤسفا.

وقد تناول الدكتور موسى الملفات الثلاث الرئيسية فى مفاوضات ابوجا بالشرح والتحليل ، وهى ملفات قسمة السلطة واعادة ضم ولايات دارفور الثلاثة فى اقليم واحد، ثم ملف الترتيبات الامنية. وحول ملف قسمة السلطة كشف الدكتور عبدالرحمن موسى سرا مثيرا حين ذكر أن هامش المناورة فى هذا الملف كان محدودا للغاية منذ البداية، وان سالم احمد سالم دعاه الى اجتماع سرى فى ديسمبر 2005 مع اثنين اخرين من الوفود المشاركة، ثم اطلعهم على خطاب سرى موجه الى سالم احمد سالم ارسله روبرت زوليك نائب وزيرة الخارجية الامريكية انذاك، وطلب فيه من سالم ان يستبعد فى مقترحاته تضمين منصب نائب الرئيس لاهل دارفور، وقال زوليك فى الخطاب ان هذا الموقف يأتى بناء على رفض الفريق سلفا كير لهذا الامر باعتبار انه يخالف اتفاقية نيفاشا، وان الاخذ به سوف يؤدى الى وجود نائبين للرئيس من الشمال وان الحركة الشعبية لن تقبل ذلك . وهنا صرح الدكتور عبدالرحمن انه لا حظ ان ممثلى الحركة الشعبية فى مفاوضات ابوجا لم يكن لهم من هم سوى المحافظة على نيفاشا كما هى حرصا على مصالحهم ومكتسباتهم ، والحرص على ان تكون أى تنازلات لاهل دارفور ، من خارج الحصص التى حصل عليها الجنوب، واشار ايضا الى ان نيفاشا – فى رأيه – قد اعطت الجنوبيين اكثر من حقهم بكل المعايير، وانه لو استخدمنا المعايير الموضوعية سنجد ان الجنوب قد حصل على حقه ( مرة ونصف)، ولكن اهل السودان رضوا بذلك لانه كانت هناك رغبة عارمة فى ايقاف الحرب ، واشار الى انه فى عضوية المجلس الوطنى على سبيل المثال ، لو اراد اهل دارفور ان يأخذوا حقهم فيجب ان يتم انقاص عضوية الحركة الشعبية ولكنها ( اى الحركة ) ضنينة بذلك .

حول قضية الاقليم قال عبدالرحمن موسى ان الامم المتحدة هى صاحبة الاقتراح بان يترك هذا الامر لاستفتاء الاهالى ، الامر الذى اخذ به اتفاق ابوجا حين نص على اجراء استفتاء على هذه المسألة فى 2010 ، وقال بان قضية الاقليم اخذت من الجدل والاهتمام اكثر مما يجب، وان هذا الخلاف لم يكن مهما ، وان الأهم هو: النظر فى معيارين اثنين يمثلان جوهر القضية

وهما :

- هل الاخذ بنظام الاقليم هو الذى يتيح لابناء دارفور قدرا اكبر من السلطة لادارة شؤونهم ؟

- -هل الاخذ بنظام الاقليم هو الذى يتيح لابناء الاقليم الحصول على خدمات افضل ؟

ومن ثم فان الجوهر هو المهم هنا، وليس الشكل ، وليس قضية التمسك العاطفى بقضية الاقليم .

وقال موسى ان الرئيس اوباسانجو الذى كان وسيطا رئيسيا فى المفاوضات لم يكن متحمسا لقضية الاقليم ، وانه ذكر لهم مرارا وتكرارا ان نيجيريا لو استمرت بنظام الاقاليم فانها كانت ستواجه فى الوقت الحالى مصاعب جمة ، وان بعض الاقاليم كان من الممكن ان يصل عدد سكانه الى 30 او 40 مليون، اى اكبر من من كثير من الدول الافريقية ، وان نظام الولايات اكثر فائدة لانه يقصر الظل الادارى .

وقال موسى بانه يعتقد ان تمثيل ابناء دارفور فى الخدمة المدنية واجهزة الدولة الرئيسية مثل الجيش والشرطه والقضاء والسلك الدبلوماسى هو الاكثر اهمية ، لانه فى هذه الاجهزة تكمن السلطة الحقيقية للدولة، وليس فقط فى المستويات السياسية.وقال بان دارفور تحتاج الى تمييز ايجابى فى هذا المجال، ولمن ذلك سياخذ وقتا لكى تكون هناك الكوادر المناسبة من ابناء دارفور ، فشرط التاهيل لا يمكن الاستغناء عنه، فلا يمكن على سبيل المثال تعيين احد الاشخاص قاضيا فى المحكمة العليا لانع فقط من دارفور ، فلا بد ان يكون مؤهلا لذلك . وقال انه لهذا يعطى اهتماما وتركيزا عاليا لقضية النهوض بالتعليم فى دارفور ، وانه حين التقى وزير الخارجية المصرى احمد ابوالغيط شدد على اهمية رفد مصر للمدارس الثانوية فى دارفور بالمدرسين وبالمعدات اللازمة ، للمساعدة على استدراك ما فات ، واشار الى انه تلقى شخصيا تلقى تعليمة فى الفاشر الثانوية وقُبل للدراسة بجامعة الخرطوم من اول مرة ، بالنظر الى ارتفاع مستوى مدرسته الثانوية التى كان من بين اساتذتها مصريون، كانوا يعملون باخلاص وكفاءة نادرة .

وقد جاءت المداخلات من القاعة حادة فى معظمها واتسمت بنبرة بنبرة هجومية ، وأشار بعض الحاضرين الى ان الدكتور عبدالرحمن موسى لا توجد لديه قوات على الارض وان فصيله يمثل صنيعة حكومية، وانه لا صلاحيات حقيقية لدية ، وانه يتحدث بمثل حديث المؤتمر الوطنى ، الامر الذى دعا مدير الندوة الاستاذ/ هانى رسلان الى التدخل، حيث ذكر الاخوة الحاضرين بانه لا حجب لأ ى راى شريطة ان ينصرف الى النقاش الموضوعى ويحافظ على الاحترام المتبادل، وان الدكتور عبدالرحمن له ان يعبر عن قناعاته ، وكذلك الاخوة الحاضرين دون تجريح لأحد.

وفى ردوده اتسم الدكتور عبدالرحمن بهدوء واضح وسعة صدر عالية، وقال انه يتفهم اللهجة التى يتحدث بها الاخوان، وذكرهم انه كان كبير المفاوضين لحركة التحرير، وانه بذل كل جهدة، وتابع المواقف والضغوط والكواليس وحين توصل الى قناعة بأنه من المصلحة الانحياز الى توقيع اتفاق ابوجا ، فانه قام بذلك سعيا لمصلحة اهل دارفور، وانه مازال عند هذه القناعة ولم يغيرها، وان الاتفاق به الكثير من الاشياء الجيدة جدا لقضية دارفور وان المشكلة ان قادة الفصائل لم يقروا الاتفاق جيدا ، وبعضهم لم يقرأه بالمرة وانطلق لاعطاء صورة سلبية عن الاتفاق .. وقال لقد قلنا رأينا فى الممارسات الخاطئة للحكومة مرارا وتكرارا، وأوصلنا صوتنا الى كل مكان.. ولكن ماذا بعد ذلك ؟ .. لا بد من الجلوس الى الملفات والتفاوض والوصول الى حلول، وانه يتذكر نصيحة لوكا بيونق " وزير حكومة الجنوب الحالى " حين التقى به فى نيروبى فى نوفمبر 2005 فى اطار احدى ورش قسمة الثروة ، وقال له" يا عبدالرحمن لا تضيعوا وقتكم فى ( شتم الحكومة ) كثيرا، وان الاهم هو الجلوس الى الملفات والتفاوض الجاد " .

وعن فصيل الارادة الحرة والقوات التابعة له، قال ان قواتنا موجودة فى الحمرة وفى كفوت ودار شلح ودار مساليت، ولدينا قادة معروفون على راسهم الجنرال /ادم صالح ابكر والعميد/ اسحق عبدالكريم، وانه اذا كان فصيله قد ظهر بعد ابوجا فقال انه اضطر لذلك لعدم وضوح مواقف عبدالواحد ولحرصه على الابتعاد عن الاجندات الخارجية، وان هناك فصائل اخرى عديده ظهرت ايضا بعد ابوجا . وان معيار وجود القوات او مقدارها فهذا سوف يخضع للتحقق الدولى طبقا لابوجا وانه سبق وقبل بهذا المعيار، وعندها سوف يتبين كم لدى كل فصيل .

واختتم عبدالرحمن موسى بانه صاحب طرح قومى لدارفور ولكل السودان وان الاهم هو ارساء المبادئ والتنظيمات التى يمكنها ان تعمل فى وجود الاشخاص او فى غيابهم.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق